العدد السادسمقالات

ذكريات أم مقداد مع أبيها محيي هلال السرحان

ذكريات أم مقداد مع أبيها محيي هلال السرحان
(رحمه الله)

العلامة محيي هلال السرحان

في كلّ يوم جمعة تجتمع العائلة سويًّا، وخصوصًا بعد صلاة العصر، نشرب القهوة ونتكلَّم عن أَشياء جميلة مرَّت بأَبي محيي هلال السرحان (رحمه الله)، عِلمًا أَنَّه كان مولعًا بالمخطوطات.

قال في يوم من الأَيام اتصلت بي السيدة انتصار أَحمد حسن وهي موجودة في أَحد المحال التراثية في شارع النهر فقالت لي: يوجد مجموعة من الكتب على الأَرض تحتوي مخطوطات نادرة قديمة ومنوعة مكتوبة بخط اليد، وصاحب المكتبة يريد أَن يبيعها لمن يقدِّر ثمنها ويعرف قيمتها، وعلى الفور سأَلت عن المحل والمكان واتَّفقت معها للحضور سويًّا إِلى المحل، فذهبنا وجلست على الكرسي وأَخذت مخطوطة وقلَّبت صفحاتها وقرأتها ثمَّ أَخذت مخطوطة ثانية وقلَّبت صفحاتها وراجعتها بصمت وفرحت كأَنِّي وجدت كنزًا، ثمَّ اشتريتها كلَّها بمبلغ كبير، وحملتها بيدي وأَنا فرح على الرغم من كونها قديمة جدًا ومليئة بالأَتربة.

ثمَّ سأَلت والدي عن السبب في شراء هذه المخطوطات القديمة المليئة بالأَتربة، فقال وهو يبتسم: إِنَّها مخطوطات في الفقه والشريعة يجب تحقيقها وإِلَّا اندثرت تلك المعلومات التي تحويها، فهي أَمانة في أَعناقنا، ويجب الحفاظ عليها ونشرها ككتب يطَّلع عليها الناس، ويستفيد منها الباحثون والقرَّاء، ليس لي بل للأَجيال القادمة، والأَهم هو حفظ هذا التراث المُعرَّض للضياع، وابتغاءً لمرضاة الله سبحانه وتعالى.

رحم الله أَبي وأَدخله فسيح جناته.

وفي يوم من أَيام شهر رمضان المبارك سأَلته عن رأيه في رمضان والناس، والصيام والعمل، فأَجاب قائلًا: يخلد كثير من الناس في شهر رمضان إِلى الراحة والكسل بحجَّة أَنَّه صائم، فإِن كان طالبًا تجده لا يذاكر درسه، ولا يستعد لامتحاناته، وقد يغيب أَو يتمارض، وإِن كان كاسبًا تجده يعطي لنفسه فرصة للاستراحة في هذا الشهر المبارك، وإِن كان موظفًا تجده يتماهل في إِنجاز أَعماله فلا يكملها بالقدر نفسه، وتجد غيرهم بهذه الصورة، أنِسَت نفوسهم بهذه الطريقة المتكرِّرة وكأَنَّ رمضان عطلة من العطل، ولا شك أَنَّهم بهذه الصورة يرتكبون ضلالًا عظيمًا وخطًا فاحشًا في تقصيرهم في تنفيذ آداب الصيام، فرمضان شهر العِلم، والعمل، والجهاد، والصيام لا يُعطِّل الناس عن أَعمالهم وواجباتهم، وللصائم فرحتان يفرحهما: إِذا أَفطر فرح، وإِذا لقي ربَّه فرح بصومه. وكذلك يدخل الصائم الجنَّة من باب الريان، والريان: باب في الجنَّة يدخله الصائمون يوم القيامة، ولا يدخله أَحد غيرهم، فإذا دخلوه أغلق.

رحمك الله يا أَبي وأَدخلك فسيح جنَّاته.

 


 

اقرأ أيضًا:

 

العلامة محمد بهجة الأثري

كيف تتقن قواعد الإملاء في الكتابة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى