فتح جديد في مصادر دراسات دولة المرابطين بالمغرب والأندلس
"الأَنْوَارُ الْجَلِيَّةُ فِي أَخْبَارِ الدَّوْلَةِ الْمُرَابِطِيَّةِ، لِابْنِ الصَّيْرَفِيِّ الغَرْنَاطِيِّ" أعاد بناءه وحققه وقدم له: أ.د. محمد علي دبور
فتح جديد في مصادر دراسات دولة المرابطين بالمغرب والأندلس
“الأَنْوَارُ الْجَلِيَّةُ فِي أَخْبَارِ الدَّوْلَةِ الْمُرَابِطِيَّةِ، لِابْنِ الصَّيْرَفِيِّ الغَرْنَاطِيِّ”
أعاد بناءه وحققه وقدم له: أ.د. محمد علي دبور
كانت دولة المرابطين في المغرب والأندلس من الدول التي نالها قدرٌ كبير من الظلم والغبن والتشويه، وفي هذا تشبه الدولة الأموية في المشرق الإسلامي التي سقطت سنة 132هـ على أيدي بني العباس؛ الذين حاولوا اجتثاث كل ذِكر لها، كما نسبوا إليها من الروايات والأخبار الكاذبة بأن لصقوا بهم كل نقيصة، ونسبوا إليهم كل تخلّف، بل وصل الأمر إلى حد الاتهام في العقيدة والتشكيك فيها، لأن التاريخ يكتبه المنتصرون، وهذا ما حدث مع المرابطين تمامًا، وربما في صورة أشد وأعنف، فقد اجتهد “ابن تومرت” مؤسس حركة الموحدين في أن ينفر الناس والمجتمع المغربي بأسره من المرابطين، فاتهمهم بالتقصير في شتى المجالات، بل واتهمهم في عقيدتهم فنسب إليهم التجسيم، وسماهم بالمجسمين، وبعد فترة بدأت دعايته تؤتي أكلها حتى تمكن من إسقاطهم وإقامة نظامه السياسي على أنقاض دولتهم.
وقد صدر مؤخرًا عن دار النابغة بطنطا بجمهورية مصر العربية كتاب “الأَنْوَارِ الْجَلِيَّةِ فِي أَخْبَارِ الدَّوْلَةِ الْمُرَابِطِيَّةِ” لابن الصَّيْرَفِيِّ الغَرْنَاطِيِّ. والذي أعاد بناءه وتجميعه وتحقيقه الأستاذ الدكتور محمد علي دبور؛ أستاذ التاريخ والحضارة الإسلامية في كلية دار العلوم ، وهو أحد أبناء مدرسة دار العلوم التاريخية التي أنجبت العديد من الأعلام من أمثال: محمد ضياء الدين الريس، وأحمد شلبي، وعبد الله جمال الدين وغيرهم.
تخرج دبور في كلية دار العلوم، ثم حصل منها على درجة الماجستير في رسالة بعنوان: “الدور السياسي للعلماء فى الأندلس في عهدي المرابطين والموحدين (484-646هـ)”، ثم ذهب في بعثة إلى إسبانيا، في كلية الآداب بجامعة مدريد المركزية (الكومبلتنسي) للحصول على درجة الدكتوراه في التاريخ الأندلسي بعنوان: “الأسعار في المغرب والأندلس فى القرن السابع إلى القرن التاسع”، وقد أثرى المكتبة العربية بالعديد من المؤلفات منها: “بنو أمية في التاريخ.. دراسة في التاريخ السياسي والحضاري”، و”فقه النظام السياسي في الإسلام”، و”المماليك والعثمانيون.. أصلهم وتاريخهم وحضارتهم”، و”الحروب الصليبية والمؤامرة على العالم الإسلامي”، و”أندلسيات”، و”ابن عذاري المراكشي”، وقد حقق مؤخرًا كتاب “الأنوار الجلية” لابن الصيرفي الغرناطي، بعد أن أعاد جمعه وبناءه لأن الكتاب في عداد الكتب المفقودة، وهو من الكتب الرئيسة التي أرخت لدولة المرابطين، وهو حديثنا في السطور التالية. والمحقق قد عاش مع ابن الصيرفي حينما خصه ببحث، ونوه إلى مكانته التاريخية ومكانة كتابه هذا…
وفي تقديمه للكتاب يؤكد الدكتور دبور أن الكتاب: “يُعَدُّ من عُيون التُّراث الأندلُسيِّ، والمصدرَ الأوَّلَ والوحيدَ لتاريخ أسرة المُرابطين في المغرب والأندلُس، لكنَّه في حُكْم المفقود، وفقدنا بضياعه المصدرَ الأساسيَّ الذي كنَّا نأمل أن يضيء كثيرًا من الجوانب المجهولة في تاريخ دولة المُرابطين بالغرب الإسلاميِّ، ونظرًا لأهميته ونُدرته واعتماد العديد من المؤرِّخين اللاحقين عليه”.
وقد اجتهد المحقق الدكتور دبور في جَمْع نُصُوصه المبثوثة في ثنايا المصادر المغربيَّة والأندلُسيَّة، سواء ما يتعلَّق منها بالأحداث التَّاريخيَّة أو التَّراجم أو الأشعار التي قالها المؤلفُ في أمراء المُرابطين، فقد كان مؤرِّخًا وشاعرًا في الوقت نفسه، ثم قام بترتيب هذه النُّصُوص ترتيبًا زمنيًّا، وعرَّج على تقويمها وترميمها وضبطها بالشَّكْل حتى تُقْرأ بطريقة سَهْلة وصحيحة، كُل هَذا في محاولةٍ للوصول إلى نُسخة قريبة من الكتاب الأصليِّ كما وضعه صاحبُهُ، وليتوفرَ لأول مَرَّةٍ بين أيدي الباحثين المهتمين بتاريخ المغرب والأندلُس والمهتمين بتاريخ المُرابطين خُصُوصًا كتاب الأَنْوَارِ الْجَلِيَّةِ فِي أَخْبَارِ الدَّوْلَةِ الْمُرَابِطِيَّةِ لابن الصَّيْرَفِيِّ الغَرْنَاطِيِّ.
ثم أحصى الدكتور دبور كل الكتب المفقودة التي تناولت دولة المرابطين ومعظم من كتبها من المؤرخين قد عاصروا نشأتها ودورها التاريخي ونهايتها المأساوية على يد الموحدين، مثل: “البيان الواضح في المُلِمِّ الفادح” لابن علقمة (ت 509 هـ/ 1116 م)، والذي كان شاهد عيان على سقوط بلنسية في أيدي القبيطور سنة 487هـ، و”تاريخ المرابطين” للقاضي عياض بن موسى اليحصبيّ (ت 544 هـ/ 1149م)، و”المِقْبَاس في أخبار المغرب والأندلس وفاس” لأبي مروان عبد الملك بن موسى الوراق (كان حيًّا سنة 555 هـ/ 1160 م)،وقد سجل فيه كثيرًا من تفاصيل الحياة السياسية لدولة المرابطين لا نجدها في غيره من المصادر، ولذا كان كتابه من المصادر المهمة التي اعتمد عليها كلُّ مَن جاؤوا بعده من المؤرخين اللاحقين، و”نظم اللآلى في فتوح الأمر العالي” لابن الأشيري التلمساني (ت 569 هـ)، و”القَبَس” لأبي الحس عليّ بن حماده الصنهاجي (ت 628 هـ)، وغيرها من الكتب.
ثم يأتي كتاب “الأَنْوَار الْجَلِيَّة فِي أَخْبَارِ الدَّوْلَةِ الْمُرَابِطِيَّة” للمؤرخ الغرناطي أبي بكر يحيى بن محمد بن يوسف الأنصاري، المعروف بابن الصَّيْرَفِيِّ (المتوفي سنة 557 هـ/ 1161 م)، وهو يُعد الكتاب الوحيد- فيما نعلم- الذي ألفه صاحبه للتأريخ لأسرة المرابطين، وبالتالي فإنه يندرج تحت كتب “تاريخ الأسر”، وهي الكتب التي اهتمت بالتأريخ للأسر الحاكمة في تاريخ الإسلام، حيث ينبئ عنوانه عن هذا الاتجاه.
وهذا الكتاب حجة في بابه؛ لأن مؤلفه ابن الصَّيْرَفِيِّ من رجالات البلاط المرابطي، ومن هنا فقد كان شاهد عيان لما يدونه من أحداث ويصفه من معارك، لكنه -للأسف- من المصادر المفقودة، وفقدنا بضياعه المصدر الوحيد الذي كنا نأمل أن يضيء لنا كثيرًا من الجوانب المجهولة في تاريخ دولة المرابطين في المغرب والأندلس، وبما أنه المصدر حول هذه الأسرة، فقد كان حافزًا للدكتور دبور للاهتمام بهذا الكتاب وجمعه وتقديمه إلى المكتبة العربية، ولهذا فقد شمر عن ساعد الجد وقام بهذه الرحلة الشاقة التي استغرقت منه الوقت الثمين، فقام بجمع واستقصاء نصوصه المبثوثة في ثنايا المصادر التي اعتمدت عليه ونقلت عنه في محاولة للوصول إلى نسخة قريبة من الكتاب الأصلي..
وعن عمله في الكتاب يقول الدكتور دبور: “إن النصوص المتفرقة من أي كتاب تشبه إلى حدٍّ كبير الصورة الفوتوغرافية الممزقة المبعثرة، فتجد كل جزء منها في ناحية، وبالتالي لا نستطيع تحديد ملامحها ولا معرفة صاحبها، لكن عندما نجمع شتات تلكم الصورة، ونضع كل جزء منها في مكانه الصحيح والمناسب نبدأ في تحديد ملامحها ورؤيتها بشكل أوضح وأفضل، ويكون الاستمتاع بها أكثر وأنفع.كذلك الحال مع نصوص الكتب المفقودة، كلما اجتهدنا في جمعها ولم شتاتها، وضم بعضها إلى بعض، ووضع كل نصٍّ في مكانه الصحيح، وسياقه التاريخي المناسب كلما وصلنا إلى صورة أوضح للحقبة التاريخية التي تتكلم عنها هذه النصوص، وكنا إلى الحقيقة التاريخية أقرب، واستطعنا أن نحكم عليها بصورة أعدل وأكثر إنصافًا”.
ثم تحدث الدكتور دبور عن حجم الكتاب فجزم أنه كان من الحجم الصغير في مجلد واحد، استنادًا إلى نص للسان الدين ابن الخطيب، الذي أطلق عليه “التاريخ الصغير” فقال: “قَالَ ابْنُ الصَّيْرَفِيِّ فِي تَارِيخِهِ الصَّغِيرِ”، كما أن النصوص المتبقية منه تدل على أن صاحبه كان حريصًا على نقل صورة موجزة مختصرة عن تاريخ دولة المرابطين، ولم يكن يجنح إلى الاستطراد والتطويل والإسهاب، وقد وقفنا على عدد من النصوص التي يشير فيها ابن الصَّيْرَفِيِّ صراحة إلى منهج الإيجاز والاختصار الذي اتبعه في تصنيف كتابه.
أما عن منهج الدكتور دبور في هذا الكتاب، فقد قام بجمع نصوص الكتاب من كل المظان التاريخية التي نقلت عنه واعتمدت عليه، ووقف على نوعين من النصوص:
الأول: نصوص انفردت بها بعض المصادر ولم تتكرر في مصادر أخرى.
والثاني: نصوص تكررت في أكثر من مصدر.
أما الأولى فقد وضعها كما هي، خاصة إذا كانت منسوبة صراحة إلى مؤرخنا ابن الصَّيْرَفِيِّ، واجتهد قدر الإمكان في تقويم هذه النوعية من النصوص وترميمها بصورة علمية مناسبة، وأما الثانية، فنظرًا لتعدد النص الواحد في أكثر من مصدر مع بعض الاختلاف في الألفاظ والزيادة أو النقصان، فقد اعتمد على النص الأكمل والأصوب، أو النص الذي ذكر ناقلُهُ صراحة أنه نقله عن ابن الصَّيْرَفِيِّ، فبعض هذه النصوص جاءت مشوهة مبتورة وناقصة وفيها كثير من السقط، ثم بدأ في إكمال هذا النص باختيار الألفاظ الأكثر مناسبة للمعنى والسياق التاريخي واللغوي، وتصويب ما يحتاج إلى تصويب، والتعريف بما يحتاج إلى بيان وتوضيح، ووضع الفروق المختلفة بين النصوص في حواشي الكتاب.
كما قام بترتيب النصوص ترتيبًا زمنيًّا كما هو معتاد في المصادر التاريخية، خاصة وقد عرفنا من نصوص (الأَنْوَار الْجَلِيَّة) أن صاحبه كان يعتمد منهج الترتيب الحولي (على السنين)، وبهذا فإن هذا الترتيب يتسق مع منهج المؤلف في ترتيب أحداث كتابه، وفي حال فقدان التاريخ وضعَ النص في سياقه التاريخي المناسب للترتيب الزمني وتسلسل الأحداث.
وفي هذا يقول الدكتور دبور: “أما من حيث منهج انتقاء النصوص المتبقية من الكتاب، وتمييز كلام ابن الصَّيْرَفِيِّ من غيره، فلحسن الحظ فإن أغلب النصوص التي عثرنا عليها كانت منسوبة صراحة إلى مؤرخنا ابن الصَّيْرَفِيِّ، سواء ذكر الناقل كلام ابن الصَّيْرَفِيِّ حرفيًّا، وفي هذه الحالة كان يقول: “قال ابن الصَّيْرَفِيِّ”، أو ذكر مضمونه وفحواه، وفي هذه الحالة كان يقول: “هكذا ذكر ابن الصَّيْرَفِيِّ في تاريخه”، أو يعبر بألفاظ أخرى عن كلام مؤرخنا ابن الصيرفي. لكن من المهم هنا أن نشير إلى أن بعض المؤرخين الكبار كابن عذاري المراكشي وابن الخطيب الغرناطي كانا- في بعض الأحيان- ينقلان العديد من النصوص عن ابن الصَّيْرَفِيِّ دون إشارة إلى مصدرهما، لكنهما -لحسن الحظ- كانا يتبادلان الإحالة إلى المصدر فيما بينهما، بمعنى أنه -في أحايين كثيرة- إذا سكت أحدهما عن ذكر مصدره لنص ما كان الآخر يذكر هذا المصدر لنفس النص، فكان هذا يساعدنا كثيرًا في نسبة العديد من النصوص إلى مؤرخنا ابن الصَّيْرَفِيِّ.كما أن بعضهم أحيانًا كان ينقل عدة صفحات متوالية عن ابن الصَّيْرَفِيِّ ولا يذكر مصدره إلا في نهاية هذا النقل بقوله: “هكذا ذكر ابن الصَّيْرَفِيِّ”، وبالتالي فقد وجدنا فقرات كثيرة لم يذكر الناقل فيها مصدره”.
والكتاب يتكون من مقدمة وقسمين:
القسم الأول: تحدث فيه محقق الكتاب وجامعه عن المؤرخ أبي بكر بن الصيرفي وكتابه الأنوار الجلية، حيث تعرض المؤلف لحياته ومؤلفاته، فذكر أنه يحيى بن محمد بن يوسف الأنصاري، كنيته أبو بكر، ويعرف بابن الصيرفي، ويعرف بالغرناطي نسبة إلى موطنه الأصلي غرناطة حيث ولد بها سنة 467هـ /1074م، وذكر أن المؤرخين اختلفوا في تحديد سنة وفاته، فيذكر عن ابن الأبّار البلنسي أنه توفي بمدينة أوريولة الأندلسية من أعمال مرسية سنة 557هـ /1161م، وقد تابعه حاجي خليفة، وإسماعيل البغدادي، وخير الدين الزركلي، وعمر رضا كحالة، وابن سودة المري وغيرهم، بينما ذكر الغرناطيان: أبو جعفر بن الزبير ولسان الدين بن الخطيب أنه توفي بغرناطة في حدود 570هـ /1174م.
ثم تحدث المحقق عن مكانته العلمية والأدبية والتاريخية، حيث كان من أكابر علماء غرناطة في النصف الأول من القرن السادس الهجري، وقد حظي باهتمام أدباء الأندلس وتقديرهم، ثم تعرض لعصره؛ وتحدث عن الأوضاع السياسية والاجتماعية والثقافية، حيث عاصر المؤلف معركة الزلاقة، ثم أفول نجم دويلات الطوائف واستيلاء المرابطين على الأندلس، وقد شهد الأندلس خلال هذه الفترة نهضة ثقافية وعلمية متميزة كانت امتدادًا للنهضة العلمية التي شهدها في عصر ملوك الطوائف والتي تعد من أزهى عصور المسلمين في الأندلس في مجالي الفكر والحضارة، وقد نبغ في الفترة التي عاشها ابن الصيرفي العشرات من الأعلام في كافة صنوف العلم من الفقه والحديث والتفسير والأدب والعلوم الكونية…
وفي هذا القسم المهم من الكتاب تحدث المحقق عن ابن الصيرفي كاتبًا ووزيرًا في بلاط المرابطين؛ حيث كان من كبار رجالات البلاط، وكان كاتبًا لأمرائها، وقد أفاده هذا القرب في تصنيف كتابه؛ حيث اطلع على وثائق ومكاتبات ديوان الإنشاء الخاص بالدولة، وهو لسان حالها والمعبر عن سياستها وتوجهاتها في حالات السلم والحرب والعلاقة مع الرعية، ولا يرتقي إلى هذا المنصب إلا من تثق الدولة فيهم وفي أمانتهم وكفاءتهم.
ثم تحدث عن مؤلفاته الأدبية والتاريخية، حيث كان ابن الصيرفي شاعرًا ومؤرخًا في آن واحد، ويتقل عن ابن الأبار في كتابه “التكملة” قوله “كان من الأدباء المتقدمين والشعراء المجودين”، وابن الخطيب في كتابه الإحاطة: “من الشعراء المطبوعين المكثرين”، وقصائده مبثوثة في المصادر التاريخية والأدبية العديدة وكان براعته في فن التوشيح ومن كبار الوشاحين في عصره.
ثم تحدث عنه مؤرخًا وله الكتب التي للأسف لم تصلنا ولكننا طالعنا بعض أخبارها في كتب المؤرخين الذين نقلوا عنه، ومن أهم مؤلفاته التاريخية التي ورد ذكرها في المصادر: “الأنوار الجلية في أخبار (محاسن) الدولة المرابطية” موضوع دراستنا، و”تقصي الأنباء في سياسة الرؤساء”، و”أدباء مالقة”، و”إبراز اللطائف”، و”رسالة الدوريات في قول المديون لرب العالمين”.
ثم خص المحقق كتاب “الأنوار الجلية” بدراسة في المحتوى والمنهج والقيمة العلمية، حيث يُعدّ الكتاب مصدرًا تاريخيًا له قيمته وأهميته لدى المؤرخين والمهتمين بالأحداث التاريخية، خاصة فيما يتعلق بتاريخ دولة المرابطين، كما أن مؤلفه ابن الصيرفي كان يحظى بثقة معاصريه واللاحقين له، بدليل اهتمامهم بهذا الكتاب واعتمادهم عليه، فقد ظل معروفًا ومذكورًا في المصادر التي نقلت عنه حتى منتصف القرن التاسع الهجري/ الخامس عشر الميلادي، وقد ذكر المؤلف الكتب التي نقلت عنه.
ثم تناول المنهج التاريخي لابن الصيرفي في كتابه “الأنوار الجلية” في أنه اعتمد الطريقة الحولية منهجا. ثم الالتزام بمنهج الاختصار والإيجاز. وتناول أيضًا أسلوب الكتابة وغلبة النزعة الدينية، حيث كان أسلوبه سلسًا بعيدًا عن التكلف، ومباشرًا، ويبتعد عن السجع. كما تناول منهجه في إيراد التراجم، فقد اهتم ابن الصيرفي اهتمامًا كبيرًا بالترجمة للشخصيات السياسية والعلمية رفيعة الشأن، متبعًا في ذلك أسلوبه التاريخي المعتاد فجاءت ترجماته واضحة وافية ومباشرة…
ثم كان القسم الثاني تحت عنوان “نصوص الكتاب محقّقة ومرتّبة على السنين” واستغرق 136 صفحة من الكتاب، ونطالع تاريخ دولة المرابطين مرتبة على السنين، ذاكرًا الأحداث التاريخية، ثم يترجم لرجالتها في نهاية كل عام بقدر ما توصل إليه جامع الكتاب ومحققه.
وفي النهاية نشكره على هذا الجهد المبذول، ونتمنى أن نرى مثيل هذا العمل في قادم السنوات.
___________
___________
اقرأ أيضًا:
تعليق واحد