مراجعة رواية شرق المتوسط
مراجعة رواية شرق المتوسط
يُنسب لعبد الرحمن مُنيف في كتابته لهذه الرواية تأسيس ما يسمى بأدب السجون. فيما بعد تتابعت روايات عدة كلها تقريبًا لقصص واقعية سردت جزءًا مما يحدث في سجون شرق المتوسط عمومًا. هذا المكان الذي تسلط عليه ثلة من القتلة الساديين المتعطشين للدماء، الذين اعتقدوا أنهم آلهة أكثر من كونهم مجرد مسؤولين يحوطهم الخوف من كل مكان ليدفعهم إلى ارتكاب أعمال حيوانية منها الاكثار من تشييد السجون وابتكار أساليب تعذيب شيطانية فقط لأنهم لا يتقبلون الاختلاف. السجن، بماذا يمكن أن نعرفه؟ السجن قطعة من الجحيم قُذفت من السماء أو انبثقت من الأرض. السجن عالم يفقد فيه الانسان إنسانيته ويتحول لكائن أخر يعجز هو نفسه عن معرفة نفسه. ولا عجب أننا لا نجد عقوبة كعقوبة السجن ضمن حدود وتعزيرات الشرع. فلا شيء أثقل على النفس من القيد. ولا وسيلة للجبناء العاجزين عن تقبل المختلف والرأي الآخر إلا بفرض القيود وعلى رأسها السجن.
في شرق المتوسط يحكي مُنيف قصة رجب إسماعيل، سجين سياسي تضطره شدة التعذيب ومعاناة أمة من الاستسلام في النهاية ليخرج جسدًا بلا روح ليجد أمة قد ماتت بحسرتها وحبيبته تزوجت. هل بقي منه شيئًا؟ أستغرب نفسه وهو ينظر في المرآة ويردد :- أحد هذين قد مات ! لم ينتهِ الأمر هنا، تستمر معاناته ومعاناة أخته التي يتناوب الكاتب في فصول الكتاب ليسرد القصة بالتتالي على لسانها ولسان رجب لتنتهي بنهاية مؤلمة نترك للقراء اكتشافها.
لغة مُنيف في هذه الرواية حزينة، هكذا أحسست، لا أدري إن كان قد عاش أو عايش احداثًا مشابهة ، وإلا من أين له بهذا السرد وهذا الخيال؟ شكرًا مُنيف لإبداعك هذا، ولتعريف العالم بجزء بسيط من معاناة فئة لا تزال تعاني إلى اليوم. ولا ندري أن كان سيأتي يوم تختفي فيه السجون في شرق المتوسط.
أسامة فاضل
(باحث في التاريخ، من العراق)
_______________________________________________________________________
اقرأ أيضًا: