من يوميات محقق
فرغتُ من قراءة كتاب (يوميات عالم: يوميات العلامة أحمد محمد شاكر عام ١٩٥٠م = ١٣٧٠/١٣٦٩هـ)، حقّقها وشرَحها وصوّرها أشرف عبد المقصود، وصدرتْ عن مركز الورّاق للتراث، في الكويت (١٤٤١هـ ‐ ٢٠١٩م)، في (٤٤٦) صفحة.
والكتابُ جدير بالقراءة لأسباب عدَّة:
منها: طرافة موضوعه.
ومنها: أهمية ما فيه من معلومات عن كاتبِ اليوميات (أحمد شاكر)، وأعماله وعلاقاته بأهل عصره: ملوكاً وأمراء ووزراء وعلماء، واهتماماتهِ العلميةِ والأدبيةِ، وإنجازاتهِ. وفيه بيان دعم إحدى الدول له ماليًا وعِلميًا في طباعة تحقيقه مسند الإمام أحمد بن حنبل.
ومنها: ظهورُ نصح الشيخ أحمد شاكر بإعداده تقريرًا مهمًّا لسلامة التعليم والقضاء.
ومنها: بيانُ رأيه في بعض أهل عصره ممّن خالَطهم وداخَلَهم.
وغير ذلك -وهو كثير-، مع أنّ الشيخ جرى على الإيجاز، والاقتصار على ذِكر رؤوس أقلامٍ في هذه اليوميات.
وقد بذل المُعتني جُهدًا كبيرًا مقدَّرًا في خدمة هذه اليوميات، وحشَا حواشيه بتراجم نافعة، وتوضيحات ضرورية، وزياداتٍ مبصِّرة، وقدَّم له مقدِّمات مهمّة، وأورد صورًا كثيرة زادت الكتابَ تشويقًا، وذيَّله بفهارس متنوّعة كاشفة. وليتَ حجم الحرف في الحواشي كان أكبر مما هو عليه، فقد أرهقتني نعومتُه.
وأسرةُ آل شاكر أسرةٌ علمية شاعتْ أخبارُها منذ أكثر من قرن.
وأحمد شاكر محدِّث أديب، أحدثتْ أعمالُه نهضةً حديثيّةً، وقد تركَ عددًا مِن أعماله دون إكمال، وقد تُوَضِّحُ يوميّاته سببًا مِن أسباب ذلك، وهو كثرة علاقاته، ومشاركاته الاجتماعية، وازدحام أوقاته بالزيارات: زائرًا ومَزورًا، ويَندر يومٌ لم يخرج فيه من بيته… ولا أجزمُ بهذا، فقد يكون لهذا العام في حياته خصوصيةٌ، ذلكَ أنَّه كان يُعاني آثارَ إحالَته التعسُّفية على التقاعد، ومحاولته العودة إلى عمله -وكان قاضيًا كما هو معروف-…
رحم اللهُ أحمد شاكر فقد كان شعلةَ علم، وذكاء، ونشاط، وإخلاص. والثناء لا يستلزم ادعاء العصمة.
وشكراً للمعتني بأحمد شاكر وبأعماله، ومنها هذه اليوميات لعام (١٩٥٠م). ولي ملحوظة على تسمية العناية بهذه اليوميات وغيرها: تحقيقًا.
ووددتُّ لو خَلا من الأخطاء المطبعية؛ بمراجعته أكثر.
والشكرُ موصولٌ لأخي سيِّد أحمد نورائي لإعارتي هذا الكتاب، ولم يمنعني من اقتنائه سوى الغربة وظروفها.
تعليق واحد